هل ساهمت الوردانين في الأحداث السياسية الكبرى للعهد الحسيني؟

- هل ساهمت الوردانين في الأحداث السياسية الكبرى للعهد الحسيني؟

ليست لدينا معلومات مؤكّدة عن مساهمة أهالي الوردانين في الفتنة الباشية بين سنتي 1735 و1740 (بين علي باشا وحسين بن علي حيث افتك فيها علي باشا الحكم بالقوة) ولا في ثورة 1864 بالرغم من وجود معلومات عن مشاركة فاعلة لقرى مجاورة مثل مساكن بالخصوص. لكن بحكم العلاقة الوطيدة بين أهالي الوردانين وبين أهالي هذه القرى فقد تكون لهم مشاركات فردية غير موثّقة.

أمّا المشاركة الجماعية فيبدو أنّها كانت غائبة بحكم ما اتسمت به مواقف أعيان الوردانين ومجموع سكانها الملتفّين حولهم من الاتّزان والحرص على الحياد أو عدم ركوب المغامرات غير المأمونة العواقب وقد تمون المواقف الرسمية أقرب عموما إلى السلطة القائمة بحسب منطق الوفاء لها أو الحرص على الاستقرار العام. وقد نفهم ذلك من خلال مشاركة أهالي الوردانين في المشاريع الاستثمارية الرسمية وفي الوظائف الحكومية المختلفة مثل الجيش والقضاء والتعليم طوال الفترة الحسينيّة وحتى بعد الاستقلال.

ويؤكّد هذه الفرضية أنّ مشايخ الوردانين (ومثلهم مشايخ بير الطيب والمصدور والبقالطة وقصور الساف وغيرهم) أرسلوا مكاتيب إلى الباي ووزيره الأكبر مصطفى خزندار لإعلان ولائهم للسلطة ضدّ المتمرّدين ([1]).

وفي فترة الحملة الفرنسية على تونس وبداية الحماية سنة 1881م لا نجد الوردانين مذكورة في جملة القرى التي قاومت الاحتلال ومرّة أخرى يبدو موقفها محايدا ربّما بحكم ولائها للسلطة الحسينية التي أمضت على معاهدة باردو.

لكنّ هذا الموقف المتربّص أو المنتظر لن يطول حيث سرعان ما ينخرط كافة أهالي الوردانين في الحركة الوطنية والمقاومة المسلّحة وامتاز من بينهم قوّاد بارزون على المستوى الوطني مثل القائد حسن بن عبد العزيز وصالح الداروك وغيرهما كثير.

وكان دور الوردانيين هاما في أحداث كثيرة كان الحزب الحر الدستوري مشرفا عليها بزعامة الحبيب بورقيبة الذي ربطته بأهالي الوردانين علاقات مميّزة منذ تأسيس الحزب في مؤتمر قصر هلال سنة 1934 ([2]). ولعلّ أبرز الأدوار التي اضطلع بها أهالي الوردانين في هذه المرحلة الحاسمة إطلاق الشرارة الأولى لحرب التحرير التي بدأت سنة 1952 (أحداث سوسة) ثم دور "الفلاّقة" وغيرها من الأدوار والعمليّات التي انتهت إلى اتفاقية الحكم الذاتي ثم الاستقلال النهائي.

[1] ) – منصف التايب: "النخب والحرب، دراسة في التراتب الاجتماعي والاحتجاج السياسي في الساحل التونسي أثناء أزمة 1864"، في: من البيزاكيوم إلى الساحل (القسم العربي)، م.م.، ص 105.

[2] ) - سمير البكوش: القيروان (1881-1939) من المقاومة المسلحة إلى المقاومة المنظمة، تونس: كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة - دار سحر، 2006، مثلا ص 160، حيث يذكر نشاط دستوريين من الوردانين في منطقة القيروان سنة 1935 هما الصادق الورداني وأخوه حميدة " المنفي بالجنوب".